لَيْسَ لَنَا في سِوى ابْنِ الحاجِ منْ حَاجِ
شَيْخٌ سَمَا لِلْعُلاَ بِأيِّ مِعْراجِ
بالْعِلْمِ وَالحِْلْمِ والإِدْراكِ في مَهَلٍ
لمَّا تَعَاصَى على السُّمَّارِ في الدَّاجِ
ضَاءَتْ مَعارِفُهُ في كلِّ ناحِيَةٍ
كالْبَدْرِ يُبْدِي سَنًا في كلِّ أَبْرَاجِ
بَحْرٌ وَمَا البحْرُ إِلاَّ منْ مَشَابِهِهِ
عُمْقٌ بِعُمْقٍ وَأَمْواجٌ بِأمْواجِ
أسْتَغْفِرُ اللهَ أَيْنَ الْبَحْرُ مُلْتَطِماً
مِنْ ذِي مَوَارِدَ عَذْبٍ غَيْرِ مُهْتَاجِ
وَرَاكِبُ البَحْرِ لاَ يَنْفَكُّ مِنْ خَطَرٍ
وَبَحْرُهُ مُمْتَطِيهِ كُلُّهُ نَاجِ
بَدْرٌ مُنِيرٌ وَأَيْنَ البَدْرُ ذَا كَلَفٍ
مِنْ كَوْكَبٍ في سَمَاءِ النُّبْلِ وَهَّاجِ
نَعَمْ مَآثِرُهُ كالْبَدْرِ مُكْتَمِلاً
نُورٌ بِنُورٍ وَإِدْلاَجٌ بِإِدْلاَجِ
نَعَى لَنَا مَوْتَهُ مَنْ كَانَ أَشْبَهَهُمْ
كَالنَّمَرِيِّ وَعَبْدِ الْحَقِّ وَالْبَاجِي
وَمَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ كلِّ مُعْتَبَرٍ
كَالْفَارِسِيِّ وَعَمْرٍو وَابْنِ سَرَّاجِ
عَلَى ثَرَاهُ سَلاَمٌ فَائِحٌ عَبِقٌ
وَرَحْمَةُ اللهِ تَغْشَاهُ بِأَفْوَاجِ
ونَوَّرَ اللهُ قَبْراً ضَمَّ مِنْهُ سَناً
مِنْهُ اقْتَبَسْنَا بِإِبْلاَجٍ وَإِسْرَاجِ
وَهِمَماً تَاقَ أَدْنَاهَا إِلىَ نَهَلٍ
مِنَ الْحِمَامِ وَقَدْ عُلَّتْ بإِحْراجِ
تَخَلًّصاً منْ أَذى ما إِنْ يُلائِمُهُ
إِلاَّ السُّلُوكُ لَهُ في غَيْرِ مِنْهَاجِ
لُقْيَا الْحِمامِ بِوَجْهِ الْمُتَّقِينَ وَلاَ
لُقْيَا الْهَوَانِ بِوَجْهٍ غَيْرِ مِبْهَاجِ
لَهْفِي عَلَى ما فَقَدْنا مِنْ شَمَائِلِِه
إِنَّا فَقَدْنَا بِهِ يَاقُوتَةَ التَّاجِ
وَخِلْعاً كَانَ شَخْصُ الدِّينِ يَلْبَسُهَا
طَارَتْ بِهَا كلُّ إِعْصارٍ بِإِدْراجِ
وَحُلَّةً كَانَتِ التَّقْوَى تُلِمُّ بِهَا
أَلْقَتْ بِهَا هُوجُ أَهْوَالٍ بِعَجَّاجِ
كانتْ مَنِيَّتُهُ أحبَّ مُنْيَتِهِ
فَنالَها نَيْلَ مُحْتَاجٍ لِمُحْتاجِ
إِنَّ الْمَنايَا أَمَانِي الأَفْضَلينَ إِذَا
خَافُوا الدَّنايَا عَلى مَا كَانَ مِنْ حَاج
بِيسَ الأَذِلَّةُ قَوْمٌ ضَلَّ سَعْيُهُمُ
فَرَمَّدُوا مَا شَوَوْا مِنْ بَعْدِ إِنْضَاجِ
وَاسْتَسْلَمُوا لِلدَّنَايَا وَهْيَ تُقْذِعُهُمْ
مِنْ حُبِّ أَوْلاَدٍ أَوْ مِنْ حُبِّ أَزْوَاجِ
وَأَخْلَدُوا لِلْأَمَانِي لاَ تُخَلِّدُهُمْ
فَأُزْعِجُوا لِلْمَنَايَا أَيَّ إِزْعَاجِ