ذَكَرَ الفُؤَادُ حَبِيبَهُ فَارْتَاحَا
وَأهَاجَهُ نَوْحُ الحَمَامِ فَنَاحَا
وَأعَارَهُ البَرْقُ الخَفُوقُ طُرُوبَهُ
فَلِذَاكَ طَارَ وَمَا اسْتَعَارَ جَنَاحَا
وَأمَدَّهُ صَوْبَ الغَمَامِ كَأنَّهُ
أنْشَا بِقَلْبِ الخَافِقَيْنِ رِيَاحَا
وَأضَلَّهُ هَدْيُ النجُومِ عَشِيَّةً
وَأعَلَّهُ بَرْءُ النَّسِيمِ صَبَاحَا
وَصَغَى لِتَغْرِيدِ الحَمَامِ فَهَاجَهُ
بَرْقٌ بِأكْنَافِ الأبَيْرِقِ لاَحَا
وَأعَادَ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ مَوْقِفاً
أَضْنى الجُسُومَ وَانْعَشَ الأرْوَاحَا
هَلاَّ نَهَاهُ نُهَاهُ عَنْ ذِكْرِ الهَوَى
فَأرَاحَ مِنْ قَوْلِ العَذُولِ وَرَاحَا
يَا عَاذِلِي لاَ ذُقْتَ مَا أنَا ذَائِقٌ
مِنْ حُزْنِ قَلْبٍ لاَزَمَ الأتْرَاحَا
وَعَدَتْكَ أشْجَانُ الهَوَى وَشُؤُونُهُ
وَعَدِمْتَ رُشْداً بَعْدَهُ وَفَلاَحَا
أتَظُنَّ أنَّ العَذْلَ يَنْفَعُ مَنْ يَرَى
أنْ لاَ يَرَى لِفَسَادِهِ إصْلاَحَا
هَبْ أنَّ عَذْلَكَ مُؤْذِنٌ بِنَصِيحَةٍ
أرَأيْتَ صَبَّاً يَألَفُ النُّصَّاحَا
فَدَعِ التَّعَتُّبَ وَاطَّرِحْ نُصْحِي فَمَا
كُلِّفْتَ لِي الإسْعَادَ وَالإفْلاَحَا
وَبِمُهْجَتِي تَغْرِيدُ قُمْرِيّ حَكَى
ثَكْلاَءَ أيْقَظَتِ النِّيَامَ صِيَاحَا
فِي رَوْضَةٍ حَاكَ الرَّبِيعُ لِخُودِهَا
حُلَلاً وَصَاغَ لَهَا الخَلِيجُ وِشَاحَا
وَأعَارَهَا الاصبَاحُ بَهْجَتَهُ كَذاَ
تَلْقَى بِهَا غِيدَ الزُّهُورِ صِبَاحَا
قَدْ مِسْنَ قُضْباً وَابْتَهَجْنَ شَقَائقاً
وَسَفَرْنَ وَرْداً وَابْتَسَمْنَ أقَاحَا
وَتَبَسَّمَتْ أزْهَارُهَا لَمَّا جَرَى
دَمْعُ الغمَامِ عَلَى البِطَاحِ وَسَاحَا
وَتَمَايَلَتْ أغْصَانُهَا طرباً كَمَا
مَالَتْ زُنُوجٌ قَدْ سُقِينَ الرَّاحَا