أنظر إليَّ وخلصني
صرخ في وجهه ممسكاً به يرجّه رجّاً هل هو صنمٌ أم وثنْ ها أنا أدعوه أن يساعدني أياً كان أي إلهٍ هذا، لا يسمع ولا ينظر ولا يتكلم ولا يُخلّص الناس من عذابهم ما حاجتي لأحجار وأخشاب ورسوم تصدر عن الوهم وتذهب إليه أريد أن أحلم
ترك طرفة المكان وخرج يدمدم بكلمات هي بين الغضب والنزيف فاض به الشكّ وتفجرت الأسئلة ليلته الماضية كانت أقسى عليه من لحظة خروج الروح من الجسد توغل بأسئلته كثيراً وهو يتحقق مع راعي كنيسة دير العذارى الأسقف مار يوحنا الأزرق في صمت الآلهة عن شعوبها، مستعصياً عليه هذا الصمت فهو لا يفهم لم لا تكالم الآلهةُ الناسَ الذين يعبدونها أليس من حق الإنسان أن يكالم سيده يناشده ويساجله الحديث هو ضربٌ من الحب، هو الصلاة في لحظة العمل غير أنه لا يرى آلهة تعبأ أو تكترث بمن يصلي لها ويعبدها ويتضرع إليها
حين بسط طرفة للأسقف سلامَ الاحترام، سأله عن صمت الآلهة إزاء بطش الملوك في الناس سأله عن تكاثر الأديان ونقص الحب، وعن تناسل رجال الكنائس والمعابد من دون أن تردّ الآلهة التعاسة عن بشرٍ لا يتوقفون عن الصلاة والشكر ولا ينجون من العذاب
المرقش الثالث
وحدك في سديم الخلقِ
شيطانٌ وسربُ ملائكٍ
لتهدج الكلمات خفقٌ ضاربٌ في التيه
الكلمة هي أن تكتب
وضعتْ الكلمةُ يدَها على رأسي وأخرجَتني من النوم
أيقظتني الكلمة وقالت اكتبني قلتُ كيف وأنا لا أعرف قالت اعرفْ أن تفعل، أن تكتبَ فالكلمة هي أن تكتبَ، والبدء فيها ومنها تنشأ حياتك وبها تصير
ارتعشت بي الأوصالُ والفرائصُ نهضتُ مشدوهاً كأن الغيم يخترقني وتنال مني حرائق الصهد وقفتُ إلى وردة أسألها كيف أكتبُ؟ قالت يا بُنيّ، لا تبلغُ الحلمَ إلا حين تكتب، ولا تكتب إلا إذا قرأت الكلمة، ولا تقرأ إلا بعد أن تعلم فمن توقظه الكلمة لا يعرف الغفلة أبداً الكلمة أول الكتابة وفاتحة الكلام
شهلاء تشهق
شهلاء،
شُرفةُ طرفة على حريات اللذة وفتنة النزوات في فضاء الحيرة
قال لها ? أتزوجُكِ الليلة
في حضرة الكتابة
وقفَ يسترد أنفاسه بين يديّ صاحب الكتابة، مرخياً كيانه المتعب، وهو ينظر إلى الشيخ الوقور الجالس على حشيةٍ في حوش الدار، ويداه مرخيتان أمامه على تختٍ أصغر من كفّه ذات الأصابع المستعرضة لفرط الخطّ فوق التخت دواةُ الحبر وبعض أوراق الكتان المصمتة بصفرتها العتيقة احترمَ طرفة صمتَ شخصٍ استقبله عارياً من الاستغراب والترحيب معا كأن العجوز قد اعتاد اقتحام الغرباء عزلته بهذا الشكل الداهم لكن ابتسامة صغيرة مرّت على شفتيه عندما رفعَ رأسه ينظر إلى الزائر الغريب تنحى طرفة عن مدخل الحوش اختار ركناً في جانب المكان وجلس
هل تعرف أني ذرعتُ الزمان وقطعتُ المسافات لكي أصل إليك؟
اتسعت ابتسامة العجوز
الفضاء والطير
ثمّ ذهبتُ إلى صاحب الكتابة، وقفتُ بين يديه، أسأله أن يعلمني النظام في رسم الكلام فأخذ كلامي يمتحنه ثم قال لي ها أنت ترسمُ الكلامَ بنظامٍ من عندك، فلماذا تريدُ نظاماً من غيرك أنت لا تحتاجُ في كتابتك لسواك
قلت له سمعتُ أن ثمةَ حدوداً موضوعةً لكي تكون الكتابة مقيدةً حسبَ نظامٍ مجموعٍ مسموعْ، وأريدُ أن يساعدني هذا على صنيعِ الكتابة قال يا بُني، اذهبْ إلى الكتابة وحدَك أخشى أن أعلمكَ نظاماً تهتم بتخومِه فلا تعودُ تكتبُ نفسَك اذهبْ فإن كلامَك نظامُك
من ساعتِها رُحتُ أضعُ الكلامَ وحدي، والكتابةَ وحدي، والخطَّ وحدي، وكنتُ كلما ذهبتُ إليه بكتابتي، مرسومةً مرقومةً، أخذَها وخَلَّصَها من خجَلِها وترددها وأطلَقها من إسار الدرس، وقال لي اذهبْ فأنتَ الفضاءُ والطير .
صادفَ عندما قِيل
يُروى أن المتلمس خالٌ غير مؤكدٍ لطرفة
(وصادف أن وردة لا تلتفت ناحية المتلمس إلا لكي لا تراه)
قيل إن طرفة لم يكن يعرف أن المتلمس خالٌ له
آية المائدة
كنتُ في غجرٍ وصعاليكَ وجَرحى وطُهاةٍ جبارينَ
كنتُ إذا جُـنَّ الليلُ، تذكرتُ رفاقاً رَحلوا، ورفاقاً وصَلوا
ورأيتُ رفاقاً شَقُّوا راياتِ قبائِلهم،
انجراف المسعَى
أجيءُ منجرفاً
على طللٍ ولا أبكي عليه
وَقْعُ أقدامي حروفٌ
يقظة الرماة
أخطأتُ في التقدير
أسماءُ السُلالةِ بابُها السري
مَنْ يقفو سُلالته سيبقى خارجاً هَمَلاً