لقد كان سعد خير قوم مجاهد

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

لقد كان سعد خير قوم مجاهد

ولكن سعدا قد مضى غير عائد

وكان لجيش الحق في مصر قائدا

فخر وظل الجيش من غير قائد

وكان نصير الحق مذ كان يافعا

برغم الرزايا والرقيب المراصد

ولم يعن سعدا ما عدا مصر مقصد

ومقصد سعد من أجل المقاصد

وأكبر ما في نفس سعد أمانة

إلى النيل منها لم يصل كيد كائد

أصاب من المقدار مصر بطعنة

فأنهرها نجلاء أطول ساعد

وقد كان سعد هلكه هلك أمة

وما كان سعد هلكه هلك واحد

لقد مات سعد خالدا منه ذكره

وما خير ذكر لا يكون بخالد

لقد أغمدت مصر الأسيفة سيفها

وقد أسلمته للثرى والجلامد

لقد مات سعد بل لقد مات موثل

وآمال شعب ناهض ذى مقاصد

وقد فقدت كل العروبة سعدها

وما مصر إلا بعض تلك الفواقد

ولم يبق من سعد لها وحياته

سوى كلم فوق الطروس خوالد

ولم يبق من سعد لها غير ذكره

يلوح كطيف الكوكب المتباعد

ولم يبق من سعد على طول وقدم

سوى جسد بعد الحرارة بارد

وما تلكم الآمال إلا خرافة

وتلك الرجايا غير أحلام هاجد

فديتك من ذي كثرة قبل موته

ومن جسد بعد المنية هامد

على الأرض شاد القوم قبرك ساميا

ولو قدروا شادوه فوق الفراقد

وقد اتخذوا من جوفه لك مرقدا

وليس يبالي ميت بالمراقد

وهل حافل بالقبر من كان سيدا

له ألف قبر من قلوب الأماجد

لرزءك لا شمس النهار جميلة

ولا الليل بسام النجوم لشاهد

وما دون مصر في العراق لك الأسى

وإن دموع الشعر بعض الشواهد

ستبكي على سعد عيون جوارحي

وتبكى على سعد عيون قصائدي

وعصماء منها كل بيت كدمعة

على الراحل المبكى من كل واحد

وإني لأرجو أن تكون كزهرة

على قبره أو درة في القلائد

وقد كان فخما موكب النعش كله

له مشهد ما مثله في المشاهد

وداعا لذاك النعش يوم مشوا به

إلى القبر في جمع من الناس حاشد

وما كنت في سيل الجماهير مبصرا

سوى مطرق أو زائغ الطرف واجد

ولا سامعا إلا شهيقا لمجهش

وإلا زفيرا من حشاشة كامد

ومن ناشج يبكي وآخر جازع

وآخر مغتاظ على الدهر حارد

فلا صبر ما لم ينقض الدهر حكمه

وما لم يكن سعد إليهم بعائد

وللحزن دمع في الماصب كلاهما

إذا كبرت ويلاته غير نافذ

وليست عيون الأقربين إذا طمى

مصاب بأولى من عيون الأباعد

ألا أرني من قد يسد مسده

ودع جرح مصر شاغلا للضوامد

لسعد عظيم في الحياة وبعدها

وفوق الكراسي ثم تحت الجلامد

لقد لف ذاك النعش في يوم سيره

براية مصر وهي أثكل فاقد

وقد حملوه والجماهير خلفه

على مدفع ضخم مكان السواعد

وما كان سعد واحد بين أمة

ولكن سعد أمة بين واحد

لقد بات ذاك الوجه في ذمة الثرى

فعل الثرى إذ ضمه غير هارد

وعلى الثرى يا سعد ان عدل الثرى

يصلون قليلا بعد تلك المحامد

وما هي إلا رقدة الموت إنها

تطول فما منها انتباه لراقد

وسيق الذي قد كان عن مصر ذائداً

إلى حضرة عن نفسه غير ذائد

وقد كان قبلا صاعدا غير نازل

فأمسى بقبر نازلا غير صاعد

فيا قبر سعد إنما أنت حفرة

قد احتضنت عن مصر خير مجاهد

ويا قبر سعد فيك آمال أمة

فحافظ عليها ثم حافظ وهاود

وما نمت عن مصر إذا الناس هوموا

يرين الكرى من عينهم بالمعاقد

ولدت لها استقلالها فهو باسم

إليك ابتسام الطفل في وجه والد

ويا سعد لم تفتأ لمصر مناضلا

وما فتى المقدار غير مساعد

إلى أن رغمت الدهر أن يبدى الرضى

ببعض الذي طلبته من مقاصد

وكان رضاء فيك أنك قابض

عليها جميعا واحدا بعد واحد

هل الدهر يولى مصر سابق عطفه

فيوجد سعدا آخر للشدائد

أحبته في مصر الطوائف كلها

وذاك لأن الحب فوق العقائد

فصلت عليه أمة في كنائس

وصلت عليه أمة في المساجد

وقد كان سهلا للذين تساهلوا

وجلمود صخر في وجوه الجلامد

يناضل إن كان الزمان مساعدا

ويربض اما كان غير مساعد

حكيم يرى للقول وقتا وموقعا

ليأتي ما قد قاله بالفوائد

يصوره المثال للناس كاملا

إن استطاع في التمثال جمع المحامد

وقد كان سعد ملء مصر وغيرها

وملء فم الأقوام ملء الجرائد

ويفعل فعل المغنطيس حديثه

فيجذب أشتات القلوب الشوارد

ولم تلد الأيام في مصر كلها

سجاعا كسعد في اقتحام الشدائد

ولا مثله في مصر ذا عبقرية

على ما يراه قومه غير جامد

وليس ببدع في الحياة شذوذه

فقاعدة الأفذاذ خرق القواعد

حست السدى في غاية الفكر موغلا

فشاهدت في مسراي ما لم أشاهد

وجدت بها وجه الحقيقة باردا

وقد كان ظني أنه غير بارد

جهاد على الأرض الحياة جميعها

فلست تلاقى فوقها من محايد

وليس لإنسان من الموت مصدر

وإن كان هذا الحوض جم الموارد

وما الناس إلا كالنبات بأرضهم

وما الموت ان سبهت إلا كحاصد

وأضرحة فيها الرغام وسائد

فما حفلت نوامها بالوسائد

وما ضرها ألا تكون فسيحة

لمن سكنوا فيها سكون الجوامد

ورب جحود باللسان وقلبه

إذا هو ناجي قلبة غير جاحد

وكائن ترى من شاهد مثل غائب

ومنغائب في طنه مثل شاهد

وكل امرئ يعنوا إذا ما قرعته

إلى الحجج البيضاء غير المعاند

ستأتي وإن لم أرض بالموت نوبتي

فأنجوا به من شر أهل المكايد

ومن شر نفاث ومن شر غاسق

ومن شر خراص ومن شر حاسد

وإني سأودي مثل غيري فتنتهي

على الأرض أو طاري وكل مقاصدي

ولست براج بعد موتي إذا أتى

حياتي في المريخ أو في عطارد

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

Never miss any important news. Subscribe to our newsletter.