نأيتم عن المضنى ولم تتعطفوا

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

نَأَيْتُمُ عَنِ الْمُضْنى وَلَمْ تَتَعَطَّفُوا

عَلى هَائِمٍ أَضْحى بِكُمْ وَهُوَ مُدْنَفُ

مَشُوقٌ يُنَادِي وَالْمَدَامِعُ تَذْرِفُ

نَهَارِي وَلَيْلي سَاهِرٌ مُتَأسِّفُ

وَمِنْ هَجْرِكُمْ قَدْ زِدْتُ حُزْناً عَلَى حُزْني

تَجَافَتْ جُفُوني نَوْمَهَا مُذْ هَجَرْتُمُ

وَعَذَّبْتُمُوني بِالصُّدُودِ وَجُرْتُمُ

وَلَوْ ذُقْتُمُ مَا ذُقْتُهُ لَعَذَرْتُمُ

تَقَضْتُمْ عُهُوداً فِي الْهَوى وَغَدَرْتُمْ

حدا بهم الحادي سُحَيْراً

وَدُمْتُمْ عَلَى هجري وخيبتم ظني وَحَمَّلُوا

مَطَايَاهُمُ وَالرَّكُبُ لَمْ يَتَمَهَّلُوا

وَقَدْ خَلَّفُوني وَالْفُؤَادُ مُعَلَّلُ

نَعِمْتُ بِهِمُ دَهْراً فًلَمَّا تَرَحَّلُوا

شَقِيتُ وَعُوِّضْتُ الْمَسَرَّةَ بِالْحُزْنِ

مُحِبٌّ لَهُ دَمْعٌ حَكى فَيْضُ جُودِهِ

سَحَابَاً وَنَاراً أظْهَرَتْ شَيْبَ فَوْدِهِ

مَشُوقٌ إلى ذَاكَ الْحِمى وَوُرُدِهِ

نَعِيمٌ فَلَوْ جَادَ الزَّمَانُ بِعَودِهِ

لَمَا كَانَ دَمْعُ الْعَيْنِ يَنْهَلُّ كَالْمُزْنِ

لَبِسْتُ بِهِمْ ثَوْباَ مِنَ السُّقْمِ مُعْلَمَا

وَحُبُّهُمُ مَا زَالَ عِنْدِي مُخَيِّمَا

أُنَادِي وَدَمْعُ فِي الْعَيْنِ فِي الْخَدِّ قَدْ هَمْى

نَسِيمَ الصِّبَا بِاللهِ إنْ جُزْتَ بِالْحِمى

فَبَلِّغْ سَلاَمَ النَّازِلِينَ بِهِ عَنَّي

وَلَمَّا اسْتَقَلُّوا ظَاعِنِينَ وَقَدْ غَدَتْ

مَطَايَاهُمُ نَحْوَ الْغُوَيْرِ وَأنْجَدَتْ

أقُولُ وَنِيرَانُ الأسى قَدْ تَوَقَّدَتْ

نَشَدْتُكَ يَا حَادِي الْمَطِيِّ إذَا بَدَتْ

مَعَالِمُهُمْ صَرَّحْ بِذِكْرِي وَلاَ تُكْنِي

لَقَدْ عَوَّدُوني غَيْرَ مَا كُنْتُ أَعْهَدُ

وَصَبْرِي تَفَاني وَالْغَرَامُ مُجَدَّدُ

وَمُذْ زَادَ بي حُزْني وَقَلَّ التَّجَلُّدُ

نَحَلْتُ وَمِنْ سُقْمِي مُقِيمٌ وَمُقْعِدُ

وَقَدْ طَالَ نَوْحِي فِي النَّوَاحِي فَلَمْ يُغْنِ

غَدَوا وَفُؤَادِي مَعْهُمُ حِينَ أنْجَدُوا

وَمُذْ رَحَلُوا عَنِّي رُقَادِي مُشَرَّدُ

وَأَقْطَعُ لَيْلي وَالْكَوَاكِبُ تَشْهَدُ

نُجُومٌ أُرَاعِيهَا وَطَرْفي مُسَهَّدُ

وَسُحْبُ دُمُوعِي تَسْتَهِلُّ مِنَ الْجَفْنِ

صُرُوفُ اللَّيالي بِالْمِشِيبِ تَحَكَّمَتْ

عَلَيَّ وَأيَّامُ الشَّبَابِ تَهَدَّمَتْ

وَقَدْ أنْقَلَتْ ظَهْرِي ذُنُوبٌ تَقَدَّمَتْ

نَدِمْتُ عَلىَ أيَّامِ عُمْرٍ تَصَرَّمَتْ

فَلاَ أَرَبٌ يُقْضى وَلاَ عَمَلٌ يُدْني

أُنَاسٌ تَنَاسَوْنَا وَمَلُّوا وِصَاَلنَا

وَقَدْ صَرَّمُوا بَعْدَ الْوِصَالِ حِبَالَنَا

أَرَى الشَّيْبَ وَافى وَالصِّبَا مَا وَفى لَنَا

نَرُوحُ وَنَغْدُو فِي الْمعَاصِي وَمَالَنَا

سِوى صَاحِبِ الْبَطْحَاءِ وَالْبَيْتِ وَالرُّكْنِ

رَسُولٍ مِنَ الرَّحْمنِ حَازَ الْمَحَامِدَا

وَنَحْنَ الدَّيَاجِي بَاتَ لِهِ سَجِدَا

وَكَمْ رَدَّ مَطْرُوداً عَنِ الْبَابِ شَارِدَا

نبيِّ سَمَا فَوْقَ السَّموَاتِ صَاعِدَا

إلَى الْعَرْشِ وَالأمْلاَكُ مِنْ حَوْلِهِ تُثْني

بِهِ يُنْقَذُ الْعَاصِي مِنَ الزَّيْغِ وَالزَّلَلْ

إذا جَاءَ فِي يَوْمِ الْحِسَابِ عَلى وَجَلْ

نبيٌّ أَتَانَا بِالتَّفَاصِيلِ وَالْجُمَلْ

نَدى رَاحَتَيْهِ مُسْتَهِلٌّ وَلَمْ يَزَلْ

يَجُودُ بِلاَ مَنْعٍ وَيُعْطِي بِلاَ مَنِّ

لَهُ أُمَّةٌ خَوْفِهَا قَدْ تَوَسَّلَتْ

بِهِ وَإلىَ أعْلى مَقَامٍ تَوَصَّلَتْ

ذُنُوبُهُمُ وَالسَّيَّئاتُ تَبَدَّلَتْ

نَفى الشَِّرْكَ عَنَّا بِالْحَقِيقَةِ فَانْجَلَتْ

بِأَنْوَارِهِ الأبْصَارُ مِنْ ظُلَمِ الظَّنِّ

بِوَطْأَتِهِ قَدْ شُرِّفَتْ كُلُّ بُقْعَةٍ

وَفَازَ مِنَ الَمْولى بِعِزِّ وَرِفْعَةٍ

طِوَالَ اللَّيَالي مَا تَهَنَّا بِهَجْعَةٍ

نَهَانَا عَنِ الْمَحْذُورِ مِنْ كُلِّ بِدْعَةٍ

وَبَدَّلَنَا مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ بِالأمْنِ

شَفَاعَتُهُ فِي الْحَشْرِ تُظْهِرُ فَضْلَهَ

عَلى كُلِّ مَبْعُوثٍ إلَى النَّاسِ قَبْلَهُ

مَوَاعِدُهُ صِدْقٌ تُشَاكِلُ فِعْلَهُ

نَشَا كَامِلَ الأوْصَافِ لَمْ نَرَ مِثْلَهُ

فَسُبْحَانَ مَنْ أهْدى لَهُ حُلَلَ الْحُسْنِ

سَرَتْ عِيْسُنَا تَطْوِي الْفَلاَةَ بِعَزْمَةٍ

إلى نَحْوِ مَنْ فَازَتْ بِهِ خَيْرُ أُمَّةٍ

لَقَدْ خَصَّهُ الْمَولى بِعِزِّ وَرِفْعَةٍ

نَبَاهَتُهُ قَدْ أظْهَرَتْ كُلَّ حِكْمَةٍ

وَكَمْ ذَالَهَا فَنٌّ يَزِيدُ عَلىَ الْفَنِّ

تَسَامَى عَلىَ عُرْبِ الْوُجُودِ وَعُجْمِهِ

فَلاَ يَتَعَدى مُؤْمِنٌ حَدَّ رَسْمِهِ

وَلَمَّا أتَيْنَا طَائعِينَ لِحُكْمِهِ

نُصِرْنَا عَلىَ حِزْبِ الضَّلالِ بِعَزْمِهِ

وَصُلْنَا عَلَيْهِمْ بِالْمُشَرَّفَةِ اللُّدْنِ

لَهُ قَدْ بَذَلْنَا الْوُدَّ فِي السَّرِّ وَالْعَلَنْ

وَفُزْنَا بِهِ يَوْمَ الْمَعَادِ مِنَ الْفِتَنْ

رَسُولٌ أتَانَا بِالْفَرَائِضِ وَالسُّنَنْ

نُبُوَّتُهُ دَلَّتْ عَلىَ نَقْصِ عَقْلِ مَنْ

يَقُولُ بِرُوحِ الْقُدْسِ وَالأَبِ وَالإبْنِ

أمُوتُ اشْتِيَاقاً وَالْفُؤَادُ بَحَسْرَةٍ

وَقَدْ ضَاعَ عُمْرِي مَا ظَفِرْتُ بِسَفْرَةٍ

إلىَ يَثْرِبٍ وَالْقَلْبُ يُكْوى بِجَمْرَةٍ

نَوَيْتُ بِعَزْمِي أنْ يُشَادَ بِزَوْرَةٍ

بِنَائِي وَسُوءُ الْحَظِّ يَهْدِمُ مَا أبْنِي

جَمِيعُ الْبَرَايَا تَحْتَ جَاهِ مُحَمَّدِ

بِهِ يَرْتَجُونَ الْعَفْوَ مِنْ فَضْلِ سَيِّدِ

مَحَامِدُهُ مِنْ كَثْرَةٍ لَمْ تُعَدَّدِ

نَشَرْنَا لِواءِ بالثَّنَاءِ لأحْمَدِ

يَكِلُّ لِسَانُ الشُّكْرِ عَنْ بَعْضِ مَا أثْنِي

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

Never miss any important news. Subscribe to our newsletter.