حَاوَلْتُ صَبْراً عَلَى مَا نَابَ مِنْ نُوَبِ
وَهْوَ عَظيمٌ فَجَدُّ الصَّبْرِ فِي عَطَبِ
فَلُذْتُ مِنْ ذاكَ بِالتَّأْبِينِ مُعْتَصِماً
إِذْ لاَ قَرارَ على جَمْرٍ لِمُحْتَطِبِ
مُرَوِّحاً عَنْ جَوَى يُكْنَى أَبَا لَهَبٍ
وَزَفَرَاتٍ لَهُ حَمَّالَةُ الْحَطَبِ
مُقَدِّراً أَنَّنِي إِنْ قُلْتُ وَاسَنَدِي
وَاسَنَدَ الدِّينِ لَمْ أُنْسَبْ إِلَى كَذِبِ
وَكَيْفَ يَكْذِبُ مَنْ يَرْثِي إِمَامَ هُدىً
فَمَا عَسَى أَنْ يَقُولَ التُّرْبُ فِي الذَّهَبِ
أَمْ كيْفَ يُحْصَى عَلَى عُودِ الْبَخُورِ بُكَا
مَنْ كَانَ فِي الأَصْلِ مِنْ أَثْلٍ وَمِنْ خَشَبِ
فَمَا عَلَيَّ إِذَنْ إِنْ قُلْتُ مِنْ حَرَجٍ
وَالوَجْدُ فِي صَعَدٍ وَالدَّمْعُ في صَبَبِ
وَالصَّبْرُ في قَلَقٍ وَالقَلْبُ في حُرَقٍ
وَاسَيِّدَ الْعُجْمِ في ذَا العَصْرِ والْعَرَبِ
يَبْكِي على الدينِ منْ يَبْكي عليهِ فَما
يَضُرُّ مَنْ قالَ يَبْكي الدِّينَ وَاحَرَبِي
فَالْبَوْحُ بالنوْحِ نَوْحِ الدِّينِ مُغْتَفَرٌ
بَلْ وَاجِبٌ عِنْدَنَا بِالصِّدْقِ وَالأَدَبِ
مِنْ أَجْلِ ذَا بُحْتُ بِالتأْبِينِ مُنْتَحِباً
مِنْ مَوْتِ مَنْ لَمْ يَدَعْ دَمْعاً لِمُنْتَحِبِ
مَاتَ الرِّضَى شَيْخُنَا الفَاسِيُّ مُصْطَحِباً
للسَّرْوِوَالصوْنِ وَالتأْيِيدِ فِي الطَّلَبِ
ماتَ مُحَمَّدٌ الْمَحْمُودُ سَائِرُهُ
إِذْ سَائِرُ النَّاسِ مَعْلُولٌ مِنَ الرِّيَبِ
ماتَ الصَّدُوقُ الأَمِينُ الْبَرُّ مُعْتَزِلاً
مَنْ كانَ ناموسُهُ في الْخَبِّ ذَا خَبَبِ
ماتَ فَأَحْيَا عَظِيمَ الْحُزْنِ أَعْظَمُ مَنْ
أَماتَ كلَّ دَواعِي اللهْوِ وَاللَّعِبِ
في سِتَّ عَشْرَةَ بَعْدَ الأَلْفِ مَعْ مِائَةٍ
يَوْمَ الخَمِيسِ الذِي في مُنْتَهى رَجَبِ
مَنْ لِلْمَعَارِفِ يُحْيِيهَا وَقَدْ دَرَسَتْ
مَنْ لِلَّطَائِفِ يُبْدِيهَا وَلِلنُّخَبِ
مَنْ لِلْحَقَائِقِ يُنْشِيهَا مُحَقَّقَةً
مَنْ لِلرَّقَائِقِ يُمْلِيهَا بِلاَ تَعَبِ
مَنْ لِلنَّوَادِرِ يَرْوِيهَا مُحَبَّرَةً
مَنْ لِلدَّوَاوِينِ يُقٍرِيهَا وَلِلْكُتُبِ
وَمَنْ لِمَا لاَ أَرَى نَظْماُ يُسَاعِدُنِي
في ذِكْرِهِ مِنْ كَرامَاتٍ كَمَا الشُّهُبِ
وَمَنْ لِمَا لَسْتُ أَدْرِي مِنْ جَلاَلَتِهِ
مِنْ رَغَبٍ لَهُ فِي الْبَاقِي وَمِنْ رَهَبِ
لَمْ يَحْتَسِبْ بَعْدَكَ البَاقُونَ فِي تَعَبٍِ
مِثْلَكَ في حَسَبٍ يَا خَيْرَ مُحْتَسَبِ
وَلَنْ يُصَابُوا بِرُزْءٍ مِثْلَ ذَا أَبَداً
بِخَيْرِ مُنْقَلِِبٍ لِخَيْرِ مُنْقَلَبِ
عِشْتَ حَمِيداً وَقَدْ مِتَّ السَّعِيدَ وَقَدْ
أَشْفَيْتَنَا بِحَياةِ الْبَثِّ وَالْوَصَبِ
هَلْ أَنْتَ ذَاكِرُنَا عِنْدَ الإِلَهِ وَمَا
خِلْنَاكَ تَنْسَى فَمَنْ تَذْكُرُهُ لَمْ يَخِبِ
فَكُنْ لَنَا سَلَفاً إِنْ لَمْ تَكُنْ لَنَا خَلَفاً
فَالْخَلْفُ رُبَّتَمَا أَعْلاَهُ ذُو الرُّتَبِ
فَبَيْنَنَا رَحِمٌ يَْرعَى أَذِمَّتَنَا
مَنْ قَدْ رَعَتْهُ عُيُونُ الْمَجْدِ وَالْحَسَبِ
وَبَيْنَنَا سَبَبٌ يُبْقِيهِ مُتَّصِلاً
مَنْ وَصَّلَتْهُ الْعُلاَ بِأَوْثَقِ السَّبَبِ
وَنَسَبٌ فِي الْعُلاَ لَيْسَ بِمُؤْتَشِبٍ
يَحُوطُهُ خَيْرٌ مَنْسُوبٌ لِخَيْرِ أَبِ
وَبَيْنَنَا قُرْبَةٌ فِي اللهِ يَرْقُبُهَا
مَنْ قَارَبَتْهُ قُرَابَاتٌ مِنَ الْقُرَبِ
وَأنْتَ ذَاكَ فَمَا أَعْرِفُ مِثْلَكَ فِي
مَا قلتُ بِالْحقِّ فِي نَبْعٍ وَلا غَرَبِ
بَلْ أنتَ سَيِّدُ أهْلِ العصْرِ قاطِبَةً
أَنْشَأَكَ اللهُ لِلتَّفْريجِ لِلْكُرَبِ
وَلِلمُعَنَّى وَلِلْمَلْهوفِ تُنْقِذُهُ
إِذَا ادْلَهَمَّتْ عَلَيْهِ ظُلَمُالنُّوَبِ
وَلِلَّذِي تَاهَ في الأَوْهامِ تُرْشِدُهُ
بِهَدْيِ مُحْتَسِبٍ لاَ بِهَدْيِ مُكْتَسِبِ
وَللذِي نامَ في العُدْوانِ تُوقِظُهُ
بِعَزْمِ مُنْتَدِبٍ لِلَّهِ مُحْتَسِبِ
وَلِلذِي أَقْعَدَ الْعِصْيانُ تُنْهِضُهُ
بِهَمِّ مُنْتَسِبٍ لِلْحَقِّ مُنْتَصِبِ
وَللذِي اعْتَاصَ مِنْ مَعْنىً تُوَضِّحُهُ
حَتَّى يَصِيرَ سَنىً فِي عَيْنِ مُرْتَقِبِ
فَرُبَّ بِكْرٍ منَ التأْليفِ مُؤْتَلِفٍ
جَلاهُ فَوْقَ مِنَصَّاتٍ مِنَ العَجَبِ
وَاهاً لِمَا فَتَحَ الحِصْنَ الحَصِينَ به
مِنْ شَرْحِهِ فَانْتَهَى لِلْمَعْقِلِ الأَشِبِ
أَبْقَى لَهُ الْحَمْدَ محْبُوباً نَوَاسِمُهُ
كَالروْضِ سَامَرَهُ طَلٌّ مِنَ السُّحُبِ
وَزَارَهُ سَحَراً صَباً فَحَمَّلَهُ
مِنْ نَشْرِِهِ مَا يُسَلِّي هَمَّ مُكْتَئِبِ
أَبْقَى لَهُ حُلَلَ التقْرِيضِ رَائِقَةً
في زَيِّ مِرْطٍعلَى الْعِقْيانِ مُنْسَحِبِ
فَقَدَّسَ اللهُ قَبْراً ضَمَّ أَعْظُمَهُ
أَعْظَمَ أَعْظُمِ أَمْوَاتٍ بِذِي الْحِقَبِ
وَطَيَّبَ الرُّوحَ بِالرَّيْحَانِ مُعْتَضِداً
رُوحاً لَهُ بِغُرُورِ الْعَيْشِ لَمْ تَطِبِ
وَلاَزَمَتْهُ تَحِيَّاتٌ نَوَاسِمُهَا
تَحَْا بِهَا أَرْيَحِيَّاتُ منَ الطَّرَبِ
وَرَأْفَةٌ مِنْ رَؤُوفٍ جَلَّ مِنْ صَمَدٍ
وَرَحْمَةٌ مِنْ رَحِيمٍ مُنْتَهَى الأَرَبِ
وَنَفَحَاتٌ مِنَ الرِّضْوَانِ تَنْفَعُهُ
يَحْيَا بِهَا كُلُّ مَنْ يَدْعُوهُ مِنْ كَثَبِ