أصبت عين المها يا موت بالرمد

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

أصَبْتَ عَيْنَ المهَا يَا مَوْتُ بِالرَّمَدِ

وَقَدْ أهَضْتَ جَنَاحَ المَجْد فَاتَّئِدِ

جَدَعْتَ مَارِنِيَ الأقْنَى وَعن غَرَض

رميتَ جفنِيَ بَعْدَ المَوْتِ بِالسَّهَدِ

هَدَمْتَ مَا شِيدَ منْ رُكْنِ الفخار ولم

تَتْرُكْ لَهُ أبدا بَادٍ إلَى الأبدِ

نَاجزتَ في صَرْفِ آجَالٍ قَدِ اقْتَرَبَت

إذْ لاَ تُسَلِّمهَا إلاَّ يَداً بيدِ

كَمْ زِدْتَ فِي نقصك العليا جَوَى كَبِدٍ

حَرَّى فَيَا لَيْتَ لم تُنْقِصْ وَلم تَزِدِ

وَكَمْ تَركْتَ رُبُوعاً لَيْسَ يعمرهَا

سوَى الحَدَايَةِ وَالخُطَّافِ وَالصرَدِ

وَكَمْ قَطَعْتَ غُصُوناً غَيْرَةً فَذَوَتْ

كَأنَّكَ القَلْب مجبُول على الحسدِ

وَكَمْ أخذتَ حَلِيفاً للِسَّخَاءِ وكَمْ

تَرَكْتَ زَنْدَ النَّدَى كَفَّا بِلاّ عَضُدِ

وكَمْ تَركْت أباً يَبْكِي عَلَى ولد

أذَقْتَهُ طَعْم ثُكْلِ الأمّ للولدِ

وَكَمْ لُحُودِ قُبُورٍ قد نَثَرْت بهَا

أعْضَاءَ حسنٍ كمثل الجوهر النَّضِدِ

وَكَمْ تَوَسَّدْتَهَا رأساً بِلاَ عنق

كَمَا ارْتَدَيْتَ بِهَا ثَوْباً بِلاَ جَسَدِ

وَكَمْ تَرَكْتَ أميناً غَيْرَ مُؤْتَمَنٍ

كَمَا تَرَكْتَ عِمَاداً غَيْرَ مُعْتَمَدِ

وَكَمْ ترقَّيتَ مَرْقىً عَزَّ مَدْركُهُ

وكَمْ تَخَلَّلْتَ حَتَّى غَابَةِ الأسُدِ

يَا مُرْتَدٍ بِالشَّبَابِ الغَضّ مُنْتَشياً

مِنْ كأسِهِ هَلْ أحَبَّ السكرَ ذُو رَشَدِ

لاَ تَغْتَرِرْ بِشَبَابٍ أنْتَ تَهْدِمُهُ

أن المنيَّة لاَ تُبْقِي عَلَى أحدِ

وَيَا أخَا الشيب لِمْ لاَ تَنْهَ نفسك عن

مَا قَدْ جَنَتْ مِنْ فَسَادٍ جَلَّ عن عَدَدِ

هَبِ الشَّبَابَ لَهُ عذر بِصَاحبِهِ

مَا عُذْرُ أشيبَ فِي العصْيَانِ مُنْفَرِدِ

لا تَحْسَبَنَّ سُرُوراً دَائِماً أبدا

مَنْ سَرَّهُ اليَوْمُ وَافَاُه اكتِئَابُ غَدِ

والعمر ميدَان سبقٍ والحِمَامُ مَدىً

وكُلُّ جَارٍ سَيَلْقَى غَايَة الأمدِ

يَا ليلة باعتلاج البرق قَدْ عَلِقَتْ

جوزَاؤُهَا كَاعتلاَق القلب بِالكَبِدِ

أبديتِ مِثْلَ الذِي أدبرتِ من قَلَقٍ

وَلَمْ يَكُنْ بِالذِي أكْمَنْتِ من كمدِ

وَكَمْ تصبرتُ حَتَّى لاَتَ مُصْطَبَرٍ

فَالآنَ أجْهُدُ حَتَّى لات مُجْتَهَدِ

عِنْدِي شوائِبُ حزن لَوْ رَمَيْتُ بِهَا

عِنْدَ التَّفَجُّعِ هَامَ الغيث لم يَجُدِ

وحسرةٌ جَادَهَا دمعِي فَأوْقَدَهَا

وَلَوْ عَدَتْ بِجَوَاهَا النجمَ لمْ يَقِدِ

عمرِي لَقَدْ غَالنا الرُّزْءُ الذي طَرَقَتْ

بِهِ اللَّيَالِي وَجَلَّ الخطبُ عَنْ جَلَدِ

هِيَ المَقَاديِر فَاقبل مَا حَبَتْكَ بِهِ

من آجِلٍ نَضِرٍ أوْ عَاجِلٍ نَكِدِ

فَلِلأمُورِ مَوَاقِيتٌ مقدَّرةٌ

مَا بَيْنَ مُنْعَكِسٍ مِنْهَا وَمُطَّرِدِ

إنْ لَجَّ شَوْقِي فَلاَ بدع لِذِي عجب

أوْ قَلَّ صَبْرِي فَلاَ لَوْم لِذِي نكدِ

عَيْن مسهدة الأجفَان أرَّقَهَا

نأيُ الحَبِيب وَقَلْتٌ نَاحل الجَسَدِ

لهفي وَهَلْ نَافِعي لهفي عَلَى وَلدٍ

إذَا لجأتُ لصبرٍ فِيهِ لمْ أَجِدِ

لهفي وَهَلَ نَافعِي لهفي عَلَى قمرٍ

رَمَاهُ بِالخَسْفِ نَحْسُ الطَّالِعِ النَّكِدِ

لهفَي ولَهف بنْي الأيَام قاَطبة

على محمدِ إذْ ولَى ولمْ يعِدِ

وَكُلُّ عَيْنٍ بِمَاءِ الدمع في غَرَقٍ

وَكُلُّ قَلْبٍ بِنَارِ الشَّوْقِ مُتَّقِدِ

لاَ أعتب الزمنَ المُودِي بسيده

يَكْفِيهِ مَا حَلَّ في أحْشَاهُ من كمدِ

وَكَمْ طَلَبْتُ اللَّيَالِي أنْ تُغَيِّبَهُ

عَنِ المنَايَا فَلَمْ تَفْعَلْ وَلَمْ تَكِدِ

آهٍ لعطفِ بَيَانٍ فِيهِ ذِي نَسَقِ

قَدْ نَازَعَ القربُ فِيهِ عامل البعدِ

بُنَىَّ لَيْتَكَ لَمْ تُخْلَقْ لِوَرْيِ بِلىً

يَا لَيْتَنِي لم أُسَمْ بالصبر عن شَهَدِ

وَلَيْتَ بدرك لم يَطْلُعْ عَلَى أفقٍ

وَلَيْتَ شمسك لمْ تشْرق عَلَى بلدِ

مَا كَانَ أقصر سَاعَات بك ارْتُصِدَتْ

فَلَيْتَنِي كُنْتُ مَوْقُوفاً عَلَى الرَّصَدِ

سَقَى الحَيَا قبرَك الزاكِي وَوَاصَلَهُ

سَحَابُ عَفْوٍ وَغُفْرَانٍ مَدَى الأبدِ

وَصَبَّرَ اللَّهُ قَلْبَ الوَالِدَيْنِ عَلَى

مَنْ حَرَّكَ الوجدُ فِيهِ ساكن الجَلَدِ

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

Never miss any important news. Subscribe to our newsletter.