حال بيني وبين شكري التراب

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

حال بيني وبين شكري التراب

إذ قضى نحبه فجل المصاب

مات شكري فلا تحف بشكري

بعد هذا رفاقه والصحاب

مات شكري فأنت إن تدعه اليوم

لأمر لم يأت منه جواب

مات شكري فما لشكري على الأرض

كما كان جيئته وذهاب

جر شكري من بين أهل وصحب

قدر من داء به غلاب

فاض قبل الوداع أوان نراه

مثلما في النهار يهوى شهاب

قد بكته الأقلام منكسرات

وبكته الأخلاق والآداب

لا أرى في جو الحياة صفاء

أعلى وجهه الجميل ضباب

قد أتاني نعيه باغتا فان

تَفضت في جثماني الأعصاب

فكأني هناك قد صعقني

كهرباء أو مزقتني حراب

اشرب الدمع بعده من لهابي

ثم ما أن يزول عني اللهاب

تتدانى من جو نفسي هموم

عند ذكراه ثم لا تنجاب

لم يكن ما أصوبه بدموع

إنها حزن في عيوني مذاب

أيها الموت قد أسأت ولكن

أيها الموت ما عليك عتاب

رحب القبر في الغداة بشكري

وعسى أن يسره الترحاب

ما انتفاع الأديب في الشرق يحيا

من حياة جميعها أتعاب

حملوه وبعد أن حملوه

دفنوه في حضرة ثم آبوا

أخذوا يحثون التراب عليه

أعلى ذلك الوجه يحثى التراب

لم أعب منه خلة في حياتي

ولقد قل صاحب لا يعاب

ليس ناس في الأرض طابوا فماتوا

مثل ناس في الأرض ماتوا فطابوا

أترى من فات المحاريب سبقا

كبطيء يفوته المحراب

ولقد كان كاتبا عبقريا

وأديبا مصرحا لا يهاب

آخذا في الشعر التجدد دينا

وهو فيما يدين لا يرتاب

كم له في نصر الجديد من

الشعر براهين دونهن الحراب

ضرب الصبح الليل والليل عات

بحسام فانشق منه الأهاب

إن للشعر في العراق لأذنا

با طوالا لو تبتر الأذناب

وإذا الشعر لم يمارسه ناس

نبغوا لا يكون فيه انقلاب

إنما هذه الحياة كنهر

صاخب في طريقه ينساب

فإذا ما البحر خالط يوما

فهو لا سائب ولا صخاب

وكأن الزمان بحر خضم

وكأن الإنسان فيه حباب

وسيبقى سر الزمان خفيا

عن بنيها حق يحاط الحجاب

ولها أسباب تقيها المنايا

فإذا اختلت تقتل الأسباب

إنما هذه الطبيعة سفر

تتهجى عنوانه الألباب

لا تثق بالعباب قد فاض يرغى

فإذا غاض البحر غاض العباب

ليس في العيش ما أسبح بال

حمد له غير أنه خلاب

ليس بعد الحياة إلا بوار

ليس بعد العمران إلا الخراب

ليست الأرض غير مقبرة

للناس منها بدوا وفيها غابوا

تدرك الشيوخ المنايا

مات فيهم فابنوه الشباب

لست أدري إذا قضى الدهر فينا

أثواب فيه الردى أم عتاب

ترى أنها وليدة أجادلنا

مكتوب عليها التباب

أم تراها تطير في الموت عنا

مثل أسراب خلفها أسراب

ولها في انطلاقها طائرات

سبل في هذا الفضاء رحاب

Facebook
Twitter
LinkedIn
Pinterest
Pocket
WhatsApp

Never miss any important news. Subscribe to our newsletter.