صداقة النار

صديقتي نارٌ. تمسُّ الشغاف مصغيةً لعويلي. صديقتي ليلٌ يرتعش في الأرجوحة بين الضوء والحريق. صديقةٌ تنام على كثبٍ من دمي أحتمي بها. مثلُ وهج الذهب المنسيّ. تحتَ العقب النارّية. وهي تُمعنُ في الصَقْلِ وفي الفريسة.

من أنت

من أنت يا وطني. أعني ما أنت في التفاصيل. جراحك أكثر من الموت. والنصالُ لا تُحصيك. من أنتَ. إن لم تنتخبْ مراهمك ومراميك. إن لم تعرفْ من أين أتيتَ. كيف تدرك طريقك وأقاصيك. تزعُمُ لنا أنك فرْوُ الدفءِ وانتباهة السهام وخزينة الأسرار. وحين نسألك الرأفة. تتلعثمُ وتكشفُ لنا القميصَ عن جراحك. من أنت. تُدرّبنا على الجمر. وتمسحُ بدمنا حُمرة الخجل كلما متنا. فنتدافع إليك بالمناكب. ونتقدمُ لك بالقرابين والهدايا. وأطفالنا أضاحيك. نقدمُ الروحَ في الرايات والمواكب. ونكون لك. حين يستبسل الطغاة في محرابك. والطهاة في مرآبك. والنحاة في كتابك.
وحين / مَنْ أنتَ. لكي نعرفَ / مَنْ نحن. تتلعثم. وتتقفَّصُ الكلمات في فمك. وتكفُّ اللغة عن إسعافك. كمن لا يعرف أسماءَ أبنائه. وتدور زوايا الدائرة عليه. فتضيق بنا الوسيعة.
يا وطني الذي .. ما أنت؟

فقد

أما زالت الشمسُ واضحة. مثلما في الصلاة. أما زلنا ننتظرها ونستقبلها. مثلما لا نزال نؤديها. بالخشوع المتقن نفسه. وبالارتخاء الفظيع نفسه. وبنفس التلاشي في الذات. دون سأمٍ ولا مَظنَّة. ألمْ يَضُكُّ على كبدنا السؤال الكامن عن الخذلان والفقد. وخسارة المستحقات المغصوبة بِسَدَنَةٍ يزعمون؟

جرح الحسرة

لستُ مَصْنعُ الحسَرات. لم يفتني شيئٌ مما ينال الآخرون. حريتي معي. فما طلبتُ شيئاً. الخساراتُ لمن يشتهى. والخيبة للذي اتكأ على خشبةٍ نَخِرة. والخذلانُ للآملين. يستيقظ جريحُ الحرب. فتنهره شذرةُ الدم. ويُربِّتُ على جرحٍ يابس.

الغزالة

فرَّ الغزالُ إلى حقول الغيم
لم تلحقْ به عينُ الفتاةِ
وآلةُ التصوير

الكلمة

كلما أوشكتُ على قولها. خشيتُ أن تموت.
الكلمةُ قبل أن تقال.
وبَعدَها … ما الذي بعدها.

يقظة الصمت

شخصٌ في الصمت. يبحث عمَّن يكتبُ الكلام. له من الكتب ما يكفي مدينتين وتسعُ قرىً وبحرٌ ثالثٌ. فهارِسُه في حبر التجربة. لم يَقرأ له أحدٌ نجمةً في كتاب. فطفقَ يمحو الكتبَ ورقةً ورقة. قبل أن يأكلها ظلامٌ يتماثلُ. ثمةَ صمتٌ يوشكُ على اليقظة. كائنات لا تُحسنُ غيرَ البحث عمَّن يتبادل معها الكهوف.
ثمة صمتٌ يصغي.
والناسُ في الناسِ سادرون.