في البحر
ظننتُ أنَّ البحرَ خلف الريح
أرخيتُ الشراعَ
لكي أضللَ موجةً تعلو على سُفني
مرح النجوم
للنجوم طريقةٌ في النوم
دونَ إساءةٍ لليل
تسهر نجمةٌ وتنامُ أخرى
الغريب/1
قدمايّ في أرضٍ تتصدَّعُ وتنبعجُ. صلصالٌ مكسورٌ بزخَّة الحشد الأخير. أنسربُ في سنجابٍ. أقطعُ المسافةَ بين الباب والحديقة. في تعرِّج الكائن المتريث. لا الوقتُ في حسباني ولا قدماي تعرفان الطريق. فالطريق ليس صديقاً. تستضيقُ المتاهةُ بين المدخل المتسارع وأروْمة الشجرة الكالحة. بنكهة التراب الكسول. أقعُ في حضن الأخضر فيبدأ هيجان الغريبِ مشرفاً على الضياع. ليس ثمة فهرساً للتجاعيد. وما من خريطةٍ لخطوات الغريب. فكلما رفعتُ قدمي من هجعة. وقعتُ في سقيفةٍ مخبوءة. فأصابُ بالرؤيا. منهاراً في الأخاديع المتكاثرة. بفعل الحركة المضطربة بلا حذر. المنجرفة في مهاوي الخوف. لم تعد المسافة تكفي لفرارٍ فاتنٍ من الطبيعة.
انتحار الأصدقاء
على كثبٍ من الجرح القديم
رحتُ أستثني انتحارَ الأصدقاء من الفهارس
كلما جادلتُ في الحانوت عن ورق الكتابة
سجال
جرحان في جسدٍ واحدٍ
يئنان نزفاً وينتقمان من النصل بالنصِّ
جرحان منتحران في جسدٍ واحدٍ
تجارة
كانَ لي أن أجلبَ البحرَ
كي أستعينَ به
لاكتشاف الخسارةِ في الربح
الراهبات
سربٌ من الراهبات
يخرجنَ من حانةِ الغيم
يهتز نهرٌ على خطوهنَّ
تداول
أسلَمَنا اللهُ للأنبياء. فتُهنا في نسيانهم. توارينا في صلاة الخوف. كانَ الله يهملنا قليلاً في البنفسج. والأنبياء ينسخون الكتبَ بحبر الله. دونَ اكتراثٍ بالسهو والنسيان. فتتعثر النصوصُ بين ذاكرة الأنبياء ونسيان الله. كلُ صلاةٍ جرسٌ. وكل نبيّ جوابٌ للرهبة. يسلمنا الأنبياءُ للطغاة. فتصير بيننا وبين الله مسافة لا تدرك.
انتظارات
في المطر الطفيف. انتظرناهم. الأحباءُ الذين وَعَدُوا الخريفَ بحصيرة الكستناء. انتظرنا في حضن الله. رجاةَ أن نحصي زرقة الورق معهم. ونمنحهم حمرة قلبنا. لكي يختلطَ عليهم النبيذُ بشهقة النشوة. انتظرنا في مواقف الحافلات. وعلى أرصفة القطارات. وفي شفير جحيمنا اللذيذ. مخافة أن نغيب لحظة وصولهم
الأحباءُ. عشاق الكستناء النيئة. مواعيدُهم مرقومةٌ في الفهارس. ولقاؤهم موشومٌ بخريفٍ حافلٍ بالعطايا. قالوا أنه وعدٌ. فعقدنا الأملَ على جعل الشتاء ثقيلَ الخطى. وانتظرنا. نحن العراةُ إلا من موهبة الانتظار. دفاترنا مشحونة بالقصائد. والأواني مكنوزة بأزهار “فان غوخ”. والشحوبُ طبيعتُنا في الانتظار. الأحباءُ الذين لم يأتوا تركوا الخريفَ ينسى أشجارَ الغابة. وبقيَ الماءُ في مكانه.
منسيات الذاكرة
مواكبُ العزاء تزخرفُ الحزنَ الدامي. بصناجات الإيقاع الفجّ. تسحق عظمة الروح. لا تدركُ حدودَ ما ترى وما تسمع وما تستعيد. هل ثمة من يعزفُ موسيقى الندم على المفقودات. أم أنه نشيدُ التجهيز لإيقاظ المنسيات. كنتُ حين أعصب رأسي بخرقة العزاء يسمُّونني بيرقَ الحداد. زَيغُ الذاكرة كلما طغى النسيان.